الأربعاء, نوفمبر 26, 2025
الرئيسيةاقتصاد وأعمالالاقتصاد الأخضر في الأردن: رافعة لخفض البطالة وتعزيز التنمية المستدامة

الاقتصاد الأخضر في الأردن: رافعة لخفض البطالة وتعزيز التنمية المستدامة

يواجه سوق العمل الأردني تحديات هيكلية عميقة، تجمع بين ارتفاع معدلات البطالة وضعف المشاركة الاقتصادية، مع اتساع نطاق العمل غير المنظم، في ظل ضغوط اقتصادية وبيئية متزايدة. ومع ذلك، يُقدّم الاقتصاد الأخضر فرصاً واعدة لخلق وظائف جديدة وتحسين الإنتاجية، كما تكشف ورقة حقائق حديثة لمنظمة العمل الدولية (ILO)، التي ترى في السنوات المقبلة نافذة حاسمة للتحول نحو نموذج تنموي مستدام.

اختلالات هيكلية في سوق العمل: تشير البيانات إلى أن المشاركة الاقتصادية في الأردن لا تتجاوز 34.1% عام 2024، وهي من أدنى المعدلات إقليمياً، بسبب فجوة جنسية واسعة: 53.4% للرجال مقابل 14.9% للنساء فقط، مما يعكس حواجز اجتماعية واقتصادية تحول دون دمج المرأة في الأنشطة الإنتاجية.

أما البطالة، فتصل إلى 46.6% بين الشباب (أعلى المعدلات عالمياً)، مما يعني أن نصف الداخلين الجدد إلى السوق يواجهون صعوبة في العثور على عمل، مساهماً في ارتفاع الفقر وإعاقة النمو الاقتصادي. كما يشكل العمل غير المنظم أكثر من 50% من الوظائف الكلية، خاصة بين اللاجئين (ثلث السكان)، رغم إمكانية منح تصاريح عمل لعدد كبير منهم، لكن ضعف الطلب يدفعهم نحو السوق غير الرسمي.

البيئة الطبيعية الهشة وتأثيرها على التشغيل: رغم عدم تصنيف الأردن ضمن أكثر الدول عرضة للتغير المناخي، إلا أن شح الموارد – خاصة المياه (ثاني أكثر دولة معاناة عالمياً) – يضغط على القطاعات الرئيسية مثل الزراعة والسياحة والصناعة، حيث يغطي الدعم الحكومي نصف تكلفة إيصال المياه، مما يرهق الميزانية العامة.

وتحدد الإستراتيجية الوطنية للمياه (2030-2040) خططاً للحد من الفاقد المائي، تحسين البنية التحتية، وإعادة الاستخدام، للحفاظ على الاستدامة ودعم آلاف الوظائف في هذه القطاعات.

تحديات مناخية تحولها فرص في الاقتصاد الأخضر: رغم التحديات، يبرز التقرير الجانب الإيجابي: الاقتصاد الأخضر قادر على خلق أكثر من 100 ألف وظيفة بحلول 2030، إذا نفّذت الخطط الوطنية. ارتفعت نسبة الطاقة المتجددة إلى 24% من إنتاج الكهرباء عام 2022، مما يضع الأردن في صدارة الدول العربية، ويعمل حالياً 33,560 شخصاً في هذا القطاع (80% في الطاقة الشمسية).

مشاريع مثل “بينونة” الشمسية و”الطفيلة” للرياح تمثل نماذج ريادية، خاصة مع استيراد الأردن 93% من احتياجاته الطاقوية، مما يجعل الطاقة المتجددة خياراً استراتيجياً لخفض التكاليف وخلق فرص عمل.

وفي قطاع المياه، يُعد مشروع التخزين الهيدروليكي في سد الموجب (450 ميغاواط) خطوة حاسمة لاستقرار الشبكة الكهربائية ودمج الطاقة النظيفة، مع خلق آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة.

تداخل الاقتصاد والبيئة: من الضغط إلى الفرص: تؤثر المخاطر البيئية (جفاف، حرائق، تلوث) سلباً على الإنتاجية، لكن الاستثمارات الأخضرة – كالطاقة المتجددة وكفاءة المياه – قادرة على توليد فرص عمل مستدامة، خاصة للشباب والنساء، كما في مبادرة وزارة البيئة مع المعهد العالمي للنمو الأخضر (GGGI) لخطة وطنية للتوظيف الأخضر ضمن رؤية التحديث الاقتصادي.

وفقاً لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي (2025)، يُعد التحول الأخضر أحد أبرز الاتجاهات المؤثرة على سوق العمل حتى 2030، مع التركيز على المهارات الخضراء في الطاقة، النفايات، والمياه.

الخطوات المقترحة لتحقيق الفرص:

  • تعزيز الشراكات: تعاون بين الحكومة، القطاع الخاص، والمجتمع المدني لتوسيع المشاريع الخضراء، كما في الخطة الوطنية للنمو الأخضر (2021-2025) التي تغطي 6 قطاعات رئيسية: الطاقة، المياه، النفايات، الزراعة، السياحة، النقل.
  • تطوير المهارات: برامج تدريبية للشباب والنساء في التقنيات الخضراء، لسد الفجوة المهارية ودمج اللاجئين في الاقتصاد الرسمي.
  • التمويل والحوافز: زيادة الاستثمارات في الطاقة المتجددة (مثل مشروع الموجب) ودعم ريادة الأعمال الخضراء لخلق 100 ألف وظيفة بحلول 2030.

في الختام، يُعد الاقتصاد الأخضر ليس حلاً للبطالة فحسب، بل رافعة للنمو المستدام، شريطة التنفيذ الفعّال والشراكات الواسعة، كما تؤكد منظمة العمل الدولية والرؤية الوطنية للتحديث الاقتصادي.

Ahmad Al-Khatib
Ahmad Al-Khatib
أحمد الحاتب — صحفي ومحلل يتمتع بخبرة تزيد عن 12 عامًا، عمل مع كبرى وسائل الإعلام في الأردن والعالم. يتخصص في التحليل والتغطية الصحفية والتحقيقات في مجالات الأخبار والثقافة والاقتصاد والتكنولوجيا، مما يعزز مكانة موقع jonews24.
مقالات ذات صلة

الأكثر شعبية

التعليقات الأخيرة