الثلاثاء, نوفمبر 4, 2025
الرئيسيةأخبار الأردنالملكة رانيا تدعو شباب العالم لمواجهة الكراهية بالأمل

الملكة رانيا تدعو شباب العالم لمواجهة الكراهية بالأمل

دعت جلالة الملكة رانيا العبدالله إلى تحمّل المسؤولية الأخلاقية في وجه تصاعد خطاب الكراهية عالميًا، مؤكدة أن التقاعس واللامبالاة أسهما في اتساع رقعة المآسي. وقالت إن ما جرى في غزة كشف بوضوح كيف تتحول الكراهية من مشاعر إلى كلمات ثم إلى أفعال، داعية الشباب حول العالم إلى ترجمة الأمل إلى مبادرات عملية تُعيد الاعتبار للإنسانية المشتركة.

وأشارت جلالتها إلى أن التقاعس الدولي لم يفضِ فقط إلى وقوع الفظائع في غزة، بل غذّى تجدد مشاعر الكراهية على نطاق عالمي. وأضافت جلالتها: “مراراً وتكراراً، حذر الخبراء من أن غزة تشهد عمليات تشريد جماعي، ومجاعة، وإبادة وشيكة، وفي الأشهر القليلة الماضية، جرى تأكيد المجاعة والإبادة الجماعية من هيئات عالمية مستقلة وأخرى تابعة للأمم المتحدة، رأى العالم ذلك قادماً، لكنه أخفق في التحرك لمنعه”.

وخلال كلمتها في افتتاح قمة “عالم شاب واحد” السنوية المنعقدة هذا العام في ميونخ، قالت جلالتها: “الأمر ليس مقتصراً على غزة فقط، ففي جميع أنحاء العالم، نرى الكراهية تتسلل مجدداً إلى أسس مجتمعنا العالمي، وليس الخطر فيما تدمره الكراهية فقط، بل لما تعيد تشكيله في بوصلتنا الأخلاقية، وإحساسنا بالإنسانية”.

واستعرضت جلالة الملكة ملامح التحول القاسي الذي عاشته غزة منذ عام 2023؛ حيث أُبيدت عائلات كاملة، وقُتل الآلاف من الأطفال أو باتوا يتامى أو جوعى أو جرحى أو مثقلين بالصدمة. وأكدت أن إعادة الإعمار ما تزال مهمة جبارة تنتظر التنفيذ، وأن الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي لفلسطين قائم، وقمع الشعب الفلسطيني متواصل، والحل العادل للنزاع الممتد لعقود لا يزال بعيد المنال. وفي هذا السياق قالت جلالتها: “مهمة إعادة البناء الهائلة ما زالت تنتظر، والاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي لفلسطين ما يزال مستمراً، وما يزال قمع الشعب الفلسطيني متواصلاً، وما يزال التوصل إلى حل عادل لهذا النزاع الذي امتد لعقود، للفلسطينيين والإسرائيليين، صعب المنال”.

وخاطبت جلالتها حشدًا ضم قرابة 5 آلاف شاب وشابة من أكثر من 190 دولة، مؤكدة أن تداعيات غزة تجاوزت حدود المنطقة وأطلقت ردود فعل غريزية في أنحاء العالم: “ربما لأننا شهدنا -في الوقت الحالي- الحقيقة الواضحة للكراهية عندما تتحول من شعور إلى كلمات، ثم إلى أفعال”.

ولفتت إلى عودة أنماط متعددة من الكراهية في السنوات الأخيرة تحت مسميات مختلفة، قائلةً: “العنصرية المتخفية في عباءة الوطنية .. التفوق العرقي في عباءة الفخر الثقافي”. وشدّدت على أن التقليل من شأن خطاب الكراهية باعتباره “مجرد كلام” موقف خطير، لأن “للكراهية عواقبها، فالاستهانة بها باعتبارها “مجرد كلام” هو تجاهل لكيف بدأت كل إبادة جماعية: بالكلمات”.

وسلّطت جلالتها الضوء على أثر خطاب نزع الإنسانية في أحلك فصول التاريخ، متابعةً: “مجرد كلام” حتى يُمهد خطاب الكراهية الطريق لعنف لا يوصف”. واستحضرت مثالًا من أعقاب هجمات السابع من تشرين الأول، بقولها: “في أعقاب هجمات السابع من تشرين الأول، عندما أعلن مسؤول إسرائيلي حصاراً تاماً على غزة، وصف السكان بأنهم «حيوانات بشرية»، كان يسير وفق نهج قديم مجرب: أقنع الجمهور بأنك تتعامل مع وحوش، فلا يصبح العنف مقبولاً فحسب، بل ضرورياً”.

وأكدت جلالتها أن الكراهية لا تتقدم دون حليفها الصامت: اللامبالاة. وقالت: “تُعطى الكراهية شرعيتها من أولئك الذين يرفضون التطرق إلى القضايا الصعبة، قائلين “إنها معقّدة”، لكن ما يقصدونه في الحقيقة: “لا نريد أن نُتعب أنفسنا”، مضيفةً: “لكن اللامبالاة ليست أمراً بريئاً أيضاً، إنها تطيل عمر الظلم، تنازل صغير تلو الآخر يؤدي بنا إلى استسلام صامت للسقوط الأخلاقي”.

وبيّنت جلالتها أن الحرب على غزة خيّبت آمال كثيرين حول العالم، لكنها في المقابل أطلقت خلال العامين الماضيين واحدة من أوسع الحركات الشعبية المؤيدة للفلسطينيين في الذاكرة الحديثة، ووصفتها بأنها “أضخم حركة شعبية عفوية عرفها العالم في الذاكرة الحديثة”. وخاطبت الجمهور برسالة أمل: “اعلموا أن الأمل ليس مجرد تفاؤل ساذج؛ بل شجاعة تتحدى اليأس، إنه ما يدفع الناس للمطالبة بحرية شعب لم يلتقوه قط”، وأردفت: “الحب يتطلب قوة أكبر من الكراهية، أن تكون شاهداً على الفظائع ليس بلا ألم، لكن وجع القلب هو ثمن اليقظة”.

واختُتمت الكلمة بالتأكيد على دور منصة “عالم شاب واحد” التي تربط القادة الشباب من مختلف الدول وتستضيف قمة سنوية متنقلة تُعد من أكبر تجمعات القيادات الشابة في العالم، وتشمل كلمات رئيسية وورش عمل وفرص تواصل وإرشاد من شخصيات مؤثرة. وتُقام القمة هذا العام على مدى أربعة أيام في ميونخ بمشاركة خبراء وشخصيات بارزة من ميادين التنمية وحقوق الإنسان والأعمال والسياسة والتكنولوجيا.

Ahmad Al-Khatib
Ahmad Al-Khatib
أحمد الحاتب — صحفي ومحلل يتمتع بخبرة تزيد عن 12 عامًا، عمل مع كبرى وسائل الإعلام في الأردن والعالم. يتخصص في التحليل والتغطية الصحفية والتحقيقات في مجالات الأخبار والثقافة والاقتصاد والتكنولوجيا، مما يعزز مكانة موقع jonews24.
مقالات ذات صلة

الأكثر شعبية

التعليقات الأخيرة