أطلقت دائرة الإحصاءات العامة دراسة تحليلية موسّعة بعنوان «سوق العمل الأردني: حقائق وأرقام»، بالتعاون مع البنك الدولي وبشراكة فاعلة مع وزارة العمل ووزارة التخطيط والتعاون الدولي. واستغرق إعداد الدراسة ثمانية أشهر بهدف تشخيص واقع سوق العمل ووضع تصوّرات مستقبلية تستند إلى بيانات دقيقة وأدلّة موثوقة.
أكد المدير العام للدائرة حيدر فريحات أهمية هذه الدراسة ضمن سلسلة من الدراسات المتخصصة بسوق العمل، موضحًا أنها تهدف إلى مواءمة الخطة البحثية للدائرة مع نظيرتها في وزارة العمل وتعزيز تبادل المنافع بين الطرفين. وتركزت محاورها على التشغيل والبطالة وخصائص المشتغلين والعمل غير المنظم إضافة إلى فرص العمل المستحدثة.
وشدّد فريحات على أن نتائج الدراسة تمثل مرجعًا أساسيًا للجهات الحكومية وغير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الدولية والمانحين، لما توفره من معطيات اجتماعية واقتصادية تساعد في صياغة السياسات والخطط المبنية على الإحصاءات. كما أشار إلى أن الشراكة مع البنك الدولي وفّرت دعمًا فنيًا ومعرفيًا يعزّز القدرات الوطنية بما ينسجم مع الأولويات الرامية إلى اقتصاد أكثر شمولًا وتنافسيّة. وتعد هذه الدراسة الأولى من أصل عشر دراسات تحليلية تعتزم الدائرة إصدارها تباعًا في مجالات اجتماعية وسكانية واقتصادية وزراعية.
من جانبه، لفت الأمين العام لوزارة العمل عبد الحليم دوجان إلى أن ما تتضمنه الدراسة من مؤشرات يتجاوز كونه أرقامًا جامدة؛ إذ تمثل خارطة طريق لفهم أعمق لتحديات سوق العمل وفرصه. وبيّن أن النتائج منسجمة مع ما رصدته الوزارة خلال جهود تنظيم السوق، وستُدرج ضمن الخطط المستقبلية. كما شدّد على أن العمالة غير المنظمة تشكل عائقًا استراتيجيًا أمام الاستقرار الوظيفي والحماية الاجتماعية، بما يستدعي تكثيف الجهود لتنظيم هذا القطاع ضمانًا للعدالة والاستدامة.
وأكد دوجان أهمية التعليم والتدريب المهني والتقني وضرورة المواءمة بين مخرجاته واحتياجات السوق، مشيرًا إلى اعتماد الوزارة على بيانات دائرة الإحصاءات في صياغة الاستراتيجية الوطنية للتشغيل. واعتبر التحسن الملحوظ في معظم مؤشرات سوق العمل انعكاسًا لجهود الحكومة في تنفيذ مبادرات رؤية التحديث الاقتصادي.
وتأتي الدراسة لتقديم حقائق حديثة وموثوقة حول سوق العمل في الأردن في ظل المتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية، باعتباره مؤشرًا محوريًا على التقدم والازدهار ومستوى رفاه السكان. وقد تناولت محاور رئيسة أبرزها: التركيبة السكانية، وواقع التشغيل والبطالة، وخصائص المشتغلين، وحجم الاقتصاد غير المنظم، والوظائف الجديدة.
أبرز النتائج والمؤشرات
- التركيبة السكانية والديموغرافيا: أكثر من نصف المجتمع من الذكور، وغالبية السكان ضمن الفئات الشابة والنشيطة اقتصاديًا، مع تمركز ملحوظ في المناطق الحضرية. وتملك المملكة فرصة ديموغرافية حقيقية بارتفاع نسبة الشباب.
- التعليم المهني: الإقبال على التعليم المهني ما يزال محدودًا، مع تباين واضح بين الذكور والإناث في نوع التخصصات. ومن المتوقع بلوغ الفرصة السكانية عام 2030 مع انخفاض معدل الإعالة نتيجة تراجع الخصوبة.
- التشغيل وظروف العمل اللائق: انخفضت نسبة التشغيل من 56.7% في 2017 إلى 45.0% في 2023، مع تفوّق تشغيل الذكور على الإناث بشكل مستمر. ويستوعب القطاع الخاص 61.4% من العاملين مقابل 37.7% في القطاع العام.
- تفضيلات العمل حسب النوع الاجتماعي: تميل الإناث إلى القطاع العام، خاصة في التعليم والصحة نظرًا لملاءمة ظروف العمل واستقرارهما.
- العمل غير المنظم: يتركز القطاع غير المنظم بنسبة أعلى في الطفيلة والعقبة، بينما تتركز العمالة المنظمة في عمّان والزرقاء وإربد، مع غلبة الوظائف في الأنشطة الخدمية.
- اتجاهات البطالة: بلغ معدل البطالة الكلي 22.0% في 2023 مقارنة بـ 18.3% في 2017. وارتفعت بطالة الإناث إلى 30.7% مقابل 19.6% للذكور عام 2023، فيما بلغت بطالة الشباب (15–24 سنة) 46.5%، وهي الأعلى بين الفئات العمرية.
- الوظائف المستحدثة: جرى استحداث 95,342 وظيفة عام 2023، بزيادة 5,838 وظيفة عن 2022. وتتركز الفرص الجديدة في العاصمة والمناطق الحضرية، ما يستدعي إعادة توزيع الاستثمارات باتجاه المناطق الطرفية. وتظهر البيانات فجوة عرض وطلب؛ فائض عرض في التشييد مقابل فائض طلب في الزراعة والصيد.
- التوظيف في القطاع العام: سجّل ديوان الخدمة المدنية 486,118 طلبًا تراكميًا في 2023، 86.5% منها لحملة الشهادات الجامعية، ما يعكس تحديات استيعاب الخريجين في القطاع العام.
