في ظل التحديات المتزايدة التي يواجهها الأردن في قطاع المياه، خصوصًا مع انخفاض حصة الفرد إلى أقل من 61 مترًا مكعبًا سنويًا، تكثّف وزارة المياه والري جهودها من خلال مشاريع استراتيجية واتفاقيات دولية لضمان الأمن المائي على المدى البعيد.
نهج استراتيجي لمواجهة شح الموارد
وفقًا للتقرير السنوي الصادر عن وزارة المياه والري – سلطة المياه وسلطة وادي الأردن – فإن العام الماضي شهد تبني الوزارة رؤية شمولية تهدف إلى تنويع مصادر المياه وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي، إلى جانب توظيف أحدث الابتكارات التقنية في إدارة الموارد المائية.
ويأتي هذا النهج في إطار مواجهة أزمة المياه المزمنة التي يعاني منها الأردن، والتي تفاقمت بسبب تغير المناخ والنمو السكاني السريع، مما يجعل من التعاون الدولي وتبادل الخبرات عاملًا أساسيًا في الحفاظ على استدامة المياه وتنمية القطاعات الحيوية.
اتفاقيات ومذكرات تفاهم لتعزيز التعاون
عملت الوزارة، من خلال وحدة المشاريع الاستراتيجية، على توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع دول عدة، أبرزها:
توقيع مذكرة تفاهم ثلاثية بين الأردن واليونان وقبرص في مجال إدارة المياه.
تمديد البرنامج التنفيذي لمذكرة التفاهم مع مصر للأعوام 2024 – 2027.
إجراء زيارات تبادلية مع العراق لوضع خطة مشتركة لحوض الحماد.
التعاون مع باكستان لإنشاء مختبر مشترك لإدارة نوعية المياه، مقره إسلام آباد.
استئناف العمل مع سنغافورة في مشروع تقليل فاقد المياه بالتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية.
التفاهم مع هنغاريا لتنفيذ خطة عمل ضمن مذكرة تفاهم قائمة.
الانتهاء من الصيغة النهائية لمذكرة التفاهم مع الجزائر تمهيدًا للتوقيع.
إعداد مشروع مذكرة تفاهم مع رومانيا في مجال إدارة المياه.
التعديل المقترح لمذكرة التعاون مع تونس، تمهيدًا لعرضها على مجلس الوزراء.
الاتفاق مع المغرب على مشروع إطار تعاون في البنية التحتية، في سياق مذكرة المياه.
تحديات معقدة تتطلب استجابات ذكية
وفي سياق متصل، أكد وزير المياه والري، المهندس رائد أبو السعود، أن القطاع يواجه تحديات كبيرة، أبرزها شح الموارد المائية والضغوط المناخية والسكانية، مشيرًا إلى أن الوزارة وضعت خارطة طريق وطنية تهدف إلى تبني حلول مائية مستدامة ومتقدمة، بما ينسجم مع التوجيهات الملكية السامية ورؤية التحديث الاقتصادي.
وشدد الوزير على أن الاستراتيجية الوطنية للمياه 2023–2040، التي أطلقتها الوزارة، تسعى لتحقيق أمن مائي مستدام، من خلال إدارة متكاملة للموارد، ورفع كفاءة الاستخدام، وتوسيع الاعتماد على المصادر غير التقليدية، بالإضافة إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة النظام المائي.
فرصة نادرة للاستفادة من دعم عالمي غير مسبوق
بحسب تقرير تمويل الأمن المائي لعام 2024، الصادر عن عشرة بنوك تنموية كبرى، من بينها البنك الآسيوي للتنمية والبنك الأفريقي للتنمية، تم رصد تمويلات بقيمة 19.6 مليار دولار لمشاريع مرتبطة بالمياه خلال العام الجاري، خُصص منها 14.4 مليار دولار للدول منخفضة ومتوسطة الدخل.
ويؤكد التقرير أن الأردن، بوصفه من أفقر دول العالم مائيًا، يمتلك فرصًا فعلية للاستفادة من هذه الموجة التمويلية، لكن بشرط الاستعداد المؤسسي، والمشاركة الفاعلة في الشبكات الدولية المعنية بالمياه.
ففي الوقت الذي لا تتجاوز فيه حصة الفرد الأردني من المياه 100 متر مكعب سنويًا، مقارنة بالحد الأدنى العالمي البالغ 500 متر مكعب، تبرز الحاجة إلى تعزيز الاستثمارات والبنية التحتية، لضمان أمن مائي حقيقي، خصوصًا خلال السنوات الخمس المقبلة التي قد تشكل نقطة تحول في مسار الأردن المائي، إذا ما تم استثمار هذه الفرص بفعالية.
