عمان – “إن أعظم مسؤولية تربوية في عصر التحول الرقمي هي أن نُبقي إنسانيتنا حية وسط كل هذا الذكاء الاصطناعي”، بهذه العبارة لخصت اختصاصية علم النفس، الدكتورة سمية الجعافرة، ورقتها النقاشية، مؤكدة على أن هذا التسارع الرقمي لن يكون قادرًا على مواساة الإنسان كـ”أخيه الإنسان”.
علم النفس ودوره في الذكاء الاصطناعي
وفي إطار فعاليات اليوم العلمي الثاني عشر واليوم الوظيفي الأول لقسم علم النفس في كلية الآداب بالجامعة الأردنية، تحت عنوان “علم النفس ودوره في الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية”، تم عقد حوار بين عدد من المحاضرين والمختصين في علم النفس والذكاء الاصطناعي. ناقش المشاركون العديد من المحاور التي تركز على إمكانية أن يحل الذكاء الاصطناعي قضايا نفسية ويوفر الدعم للمرضى.
وقد شهدت كلية الآداب أول من أمس إطلاق هذا الحدث، بحضور عميد كلية الآداب الدكتور محمد القضاة، الذي أكد على أهمية طرح هذه المواضيع التي تلامس تفاصيل حياة الإنسان، مشددًا على أن علم النفس يلعب دورًا محوريًا في بناء الإنسانية مع مراعاة التغيرات الاجتماعية والنفسية التي حدثت في العقد الأخير، وخاصة في ظل تسارع تطور الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية
أثيرت عدة تساؤلات حول إمكانية أن يظهر جيل يعتمد بشكل شبه كامل على الذكاء الاصطناعي في حياته اليومية، خاصة في ما يتعلق بحالته النفسية. يعبر بعض الأفراد عن مشاعرهم وأفكارهم بشكل غير مباشر من خلال التفاعل مع الذكاء الاصطناعي، حيث يمكن أن يلجأ البعض، خاصة الشباب، إلى التحدث مع برامج الذكاء الاصطناعي لتبادل أفكارهم ومشاعرهم. هذا التوجه قد يكون ناتجًا عن الرغبة في الحفاظ على الخصوصية أو بسبب الخوف من التحدث إلى الآخرين أو حتى الوصمة الاجتماعية.
انتشار الذكاء الاصطناعي بين الأطفال والمراهقين
وفقًا لإحصائيات محدثة، تشير الدراسات إلى أن “واحدًا من كل خمسة أطفال يستخدم تطبيقات الذكاء الاصطناعي”، حيث يُلاحظ تزايد استخدام هذه التطبيقات بين المراهقين. في حين أن 70% من المراهقين قد جربوا الذكاء الاصطناعي، لم يدرك سوى 37% من أولياء الأمور ذلك.
الذكاء الاصطناعي كمساعد وليس بديلاً
أكد الاختصاصي والمعالج النفسي الدكتور ليث العبادي على أن التطور التكنولوجي، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، يعد سلاحًا ذا حدين. وأضاف أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يحل محل المعالج النفسي، بل يمكن أن يكون أداة مساعدة في توفير دعم للمصابين الذين لا يمكنهم الوصول إلى الرعاية الصحية بسهولة.
أما الدكتور محمد الشرايعة من كلية تكنولوجيا المعلومات في الجامعة، فقد تحدث عن أهمية تحليل البيانات الضخمة لفهم السلوك البشري. ورغم تطور التطبيقات الذكية، فإنها تبقى أدوات مساعدة وليست بديلاً عن العلاج النفسي التقليدي.
التحديات التربوية والنفسية
من جهتها، تحدثت الدكتورة سمية الجعافرة عن التحديات التي يواجهها جيل اليوم بسبب التسارع الرقمي. وأكدت على أهمية التوازن بين التطور التكنولوجي والنمو النفسي السليم. كما أشارت إلى أن التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى فجوة رقمية بين الأجيال ويساهم في إضعاف التركيز والإبداع الشخصي، مما يؤثر على الذكاء العاطفي وصورة الفرد عن نفسه.
التكامل بين التكنولوجيا والعلاج النفسي
وفي ختام الحوار، أكد الاختصاصي النفسي الدكتور منتصر الحياري على دور الواقع الافتراضي في علاج بعض الحالات النفسية، مثل “الفوبيا المرضية”، حيث يمكن أن يكون بديلاً فعالًا في حالات يصعب علاجها في الواقع. كما قدم الدكتور محمد أبو دوش تصميم أدوات تقييم نفسية تساهم في تحسين التقييم النفسي باستخدام الذكاء الاصطناعي.
أما الدكتور مروان الزعبي، رئيس قسم علم النفس، فقد أشاد بأهمية اليوم العلمي الذي يعكس تفاعل الذكاء الاصطناعي مع العلوم النفسية ويتيح فرصًا لتبادل المعرفة بين مختلف التخصصات.
دور الجمعية الأردنية لعلم النفس
واختتمت الفعالية بتقديم الدكتورة حنان أبو فودة، رئيسة الجمعية الأردنية لعلم النفس، نبذة عن الجمعية ورسالتها، مشيرة إلى الأهداف المتعلقة بتطوير التشريعات والقوانين الخاصة بالصحة النفسية وزيادة الوعي بالخدمات النفسية.