السبت, يونيو 14, 2025
الرئيسيةالثقافة والمجتمعمركز "شقيلة" في البترا: تمكين للمرأة وإحياء للحرف النبطية

مركز “شقيلة” في البترا: تمكين للمرأة وإحياء للحرف النبطية

وسط منحدرات البترا الوردية الشهيرة، يبرز مركز “شقيلة” للحرف التقليدية والإبداعية كجسر يربط بين التراث والتمكين، مشكّلًا مستقبلًا أكثر إشراقًا للنساء في جنوب الأردن.

أنشئ المركز نتيجة تعاون مشترك بين سلطة إقليم البترا التنموي السياحي ومشروع “الحرف المهارية الموجهة نحو التشغيل” المنفذ من قبل GIZ والمفوض من قبل الوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية. ويهدف هذا التعاون إلى جعل المركز ليس فقط ملاذًا ثقافيًا يعكس روح الحضارة النبطية، بل أيضًا منصة لدعم استقلال المرأة الاقتصادي.

يتجاوز المركز كونه مجرد منشأة للتدريب، بل يُصوَّر كقرية حرفية نابضة بالحياة، حيث تلتقي تقاليد البترا القديمة مع حاجات الحاضر. ويُعاد إحياء مهارات مثل صناعة الفخار والمجوهرات الفضية وتجهيز المنتجات الغذائية من خلال برامج تدريب مهني تطبيقية، تمكّن المشاركين من تحويل مهاراتهم الموروثة إلى مصدر دخل فعّال.

وفي هذا السياق، صرّحت فاطمة الحلالات، مفوضة التنمية المستدامة في سلطة إقليم البترا:
“هكذا نمكّن النساء والشباب؛ من خلال منحهم شهادات تأهيل مهني، ومساعدتهم على إطلاق مشاريعهم الخاصة.”
وأضافت:
“نحن لا نتخلى عن خريجينا بعد انتهاء التدريب؛ بل نواصل دعمهم من خلال توفير فرص عمل ومساعدتهم على تسويق منتجاتهم.”

ويعتمد المركز نهجًا شاملاً يجمع بين التدريب التقني والإرشاد المهني والمتابعة المستمرة قبل وأثناء وبعد انتهاء البرنامج. وبهذا، لا يكتسب المتدربون المهارات فحسب، بل يحصلون أيضًا على الثقة والدعم اللازمين لبناء مستقبل مهني مستدام، سواء في سوق العمل أو من خلال مشاريعهم الخاصة.

ما يميز مركز “شقيلة” هو التزامه العميق بالحفاظ على الثقافة المحلية. إذ تدمج كل وحدة تدريبية دروسًا في التاريخ النبطي وأهمية الحرف التقليدية ثقافيًا، مما يعزز شعور المشاركين بدورهم كحَمَلة لتراث فريد لا يقدّر بثمن.

بهذا الشكل، يتحوّل المركز إلى أرشيف حيّ، حيث يُمارس التراث ويُطوّر في آنٍ معًا، بدلًا من أن يظل محفوظًا في الكتب أو المعارض.

في بيئة غالبًا ما تضطر فيها المجتمعات للاختيار بين التطور الاقتصادي والمحافظة على التقاليد، يقدم مركز “شقيلة” نموذجًا مختلفًا يُظهر أن الهوية الثقافية والاستدامة الاقتصادية يمكن أن تسيرا جنبًا إلى جنب.

ويمثل هذا المركز مساحة نادرة تستطيع فيها نساء البترا رسم مستقبلهن دون التنازل عن ماضيهن.

ومع تزايد الاهتمام العالمي بالسياحة المستدامة والتجارب الثقافية الأصيلة، يُتوقع أن يلعب مركز “شقيلة” دورًا مهمًا في تعزيز اقتصاد السياحة في البترا. فقد لا يُنظر إليه فقط كمكان للتدريب، بل كوجهة ثقافية نابضة تعكس كيف يمكن للمجتمعات أن تزدهر حينما يتكامل التراث مع الفرص الجديدة.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شعبية

التعليقات الأخيرة