رغم تزايد الاهتمام بريادة الأعمال، يكشف تقرير رسمي أن 48% من الأردنيين يعزفون عن دخول هذا المجال خوفًا من الفشل، ما يشير إلى حاجة ماسة لمعالجة هذه المخاوف وتوفير بيئة داعمة للمبادرين الشباب.
نسبة مرتفعة من الخوف
أظهر التقرير الوطني لمرصد ريادة الأعمال أن ما يقارب نصف الأردنيين يتجنبون تأسيس مشاريع ناشئة بسبب خوفهم من الفشل. وأكد التقرير أن هذا الحاجز يشكّل عائقًا حقيقيًا أمام إطلاق الأفكار الريادية، حتى عند توفر المهارات والفرص.
الفشل طبيعي في عالم الريادة
يؤكد خبراء أن الفشل جزء طبيعي من مسيرة ريادة الأعمال، حيث تُظهر الإحصائيات العالمية أن 90% من الشركات الناشئة تفشل خلال أول عشر سنوات من تأسيسها. لكن في المقابل، العديد من قصص النجاح الكبرى مرت بمراحل فشل قبل أن تحقق إنجازاتها.
يقول محمد عبيدات، مدير مركز الملكة رانيا للريادة، إن على الشباب أن يدركوا أن “الفشل ليس غريبًا في الريادة”، بل يجب التعامل معه كدرس مفيد. وأضاف:
“الفشل هو تجربة وتعلم تفيد الريادي في تصحيح المسار”.
وأشار عبيدات إلى أن أبرز أسباب خوف الشباب تكمن في الضغوط الاجتماعية التي تربط الفشل بوصمة سلبية، إلى جانب المخاطر المالية التي قد تنجم عن تمويل المشروع ذاتيًا أو عبر قروض.
دعم ضروري من الحكومة والقطاع الخاص
دعا عبيدات إلى توفير دعم شامل للمشاريع الناشئة، خصوصًا تلك التي لا تزال في طور الفكرة، وتوسيع نطاق الدعم ليشمل قطاعات متنوعة، وليس فقط المشاريع التقنية.
كما شدد على أهمية تقديم برامج توعية تؤكد أن ريادة الأعمال ليست طريقًا سهلاً، بل مسار يحتاج إلى إصرار وصبر وتعلّم مستمر.
مقترحات لحل المشكلة
تضمن تقرير مرصد ريادة الأعمال مجموعة من المقترحات لتقليل الخوف من الفشل، منها:
تطوير نماذج تمويل تستوعب الفشل، مثل تمويل الفرصة الثانية.
إطلاق برامج تدريبية على الصمود تركز على إدارة المخاطر والتعامل مع التحديات.
إنشاء شبكات دعم تجمع بين رواد أعمال ذوي خبرة والمبتدئين لتبادل الخبرات.
تنظيم ورش عمل وندوات تربط الرياديين بالمستثمرين والمرشدين.
ثقافة اجتماعية ترفض الفشل
قال م. هيثم الرواجبة، ممثل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إن الثقافة الاجتماعية تعتبر الفشل “وصمة”، الأمر الذي يزيد من الضغط على الشباب ويجعلهم يخشون نظرة المجتمع إذا فشلوا.
وأوضح أن هذه العقلية المجتمعية تفضل الوظيفة الثابتة على خوض مغامرة ريادية، ما يُعيق انتشار المشاريع الريادية بين الشباب.
وأضاف أن تأسيس مشروع جديد يحتاج عادة إلى تمويل شخصي أو قروض، وهو ما يزيد من القلق المالي في حال الفشل.
الفشل تجربة تعليمية
يرى الرواجبة أن الفشل لا يجب أن يُنظر إليه بسلبية، بل كخطوة في رحلة التعلم.
“الفشل يكشف أخطاء مبكرة ويساعد الريادي على تطوير النموذج التجاري وتحسين مهاراته”.
وأشار إلى أن قصص النجاح الكبرى مثل ستيف جوبز وإيلون ماسك مرت بعدة مراحل من الإخفاق قبل الوصول إلى النجاح المستدام.
أسباب الفشل المتكررة
أوضح الرواجبة أن من أبرز أسباب فشل المشاريع الناشئة:
عدم وجود حاجة حقيقية في السوق.
نقص التمويل والسيولة.
ضعف في التسويق أو التسعير.
فريق غير كفؤ أو غير مناسب.
القلق من المجهول وقلة الدعم
أشار الرواجبة إلى أن كثيرًا من الشباب يخشون الدخول في الريادة بسبب غياب الضمانات وعدم وضوح المستقبل، بالإضافة إلى قلة الدعم والتجارب السابقة ونقص حاضنات الأعمال، مما يجعل الطريق غير واضحة.
أبعاد نفسية للفشل
قال الخبير التقني والاقتصادي وصفي الصفدي إن الخوف من الفشل لدى الشباب في الأردن يمتد إلى مستوى نفسي وعاطفي، مشيرًا إلى أن ريادة الأعمال تتطلب مجهودًا ذهنيًا كبيرًا، ما قد يسبب القلق والاكتئاب.
وأضاف:
“الخوف من الإحراج وتراجع الثقة بالنفس والمستقبل الغامض كلها أعباء نفسية قد تمنع الرياديين من اتخاذ الخطوة الأولى”.
دراسات عالمية عن الصحة النفسية للرياديين
أشار الصفدي إلى دراسات دولية تؤكد معاناة المؤسسين من مشكلات نفسية، موضحًا أن “الحديث عن هذه الضغوط لا يزال من المحرمات”، مما يزيد من الشعور بالضغط المجتمعي للحفاظ على صورة النجاح.
كما أشار إلى دراسة للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أظهرت أن النساء الرياديات يخشين النبذ الاجتماعي في حال الفشل، مما يضعف فرص دخولهن إلى سوق الريادة.
إحصائيات الفشل في الشركات الناشئة
أكد الصفدي أن:
10% من الشركات الناشئة تفشل خلال أول سنة.
70% تفشل بين السنة الثانية والخامسة.
90% منها تفشل خلال 10 سنوات.
كما أشار إلى أن الخبرة تلعب دورًا كبيرًا في النجاح:
المؤسسون لأول مرة: نسبة نجاح 18%.
من سبق لهم الفشل: 20%.
من لديهم مشروع ناجح سابق: 30%.