منذ إعلان الاستقلال، سلك الأردن مسارًا ثابتًا في بناء اقتصاد قوي قادر على مواكبة التحديات وتحقيق التنمية المستدامة، حيث استطاع، رغم محدودية موارده، أن يخطّ ملامح نموذج اقتصادي يُحتذى في المنطقة. وقد تُوّج هذا المسار برؤية التحديث الاقتصادي، التي شكلت خارطة طريق شاملة للنمو والتقدم.
وأكدت شخصيات اقتصادية أن الأردن استطاع بفضل القيادة الهاشمية الحكيمة، أن يؤسس لاقتصاد وطني يقوم على الاعتماد الذاتي، منفتح على الأسواق العالمية، ويواكب التطورات التكنولوجية في مختلف القطاعات، مستفيدًا من اتفاقيات التجارة الحرة التي مكّنت المنتجات الأردنية من الوصول إلى أكثر من 1.5 مليار مستهلك حول العالم.
وأشاروا إلى أن بيئة الأمن والاستقرار في المملكة أسهمت بشكل فاعل في استقطاب استثمارات ذات قيمة مضافة، عززت ثقة المستثمرين، وجعلت من الأردن نقطة جذب إقليمية للأعمال.
الصادرات والصناعة في قلب النمو
العين أحمد الخضري، رئيس جمعية المصدرين الأردنيين، أشار إلى النمو اللافت الذي شهدته الصادرات الأردنية، حيث ارتفعت من 500 مليون دينار إلى قرابة 9 مليارات دينار حاليًا، مؤكدًا أن القطاع الصناعي بات ركيزة أساسية في الاقتصاد، يوفر أكثر من ربع مليون وظيفة ويوصل المنتجات الأردنية إلى 150 دولة.
وأوضح أن الصادرات الأردنية شملت قطاعات متنوعة مثل الصناعات التحويلية، الأدوية، الزراعة، والمنتجات الغذائية، ما يعكس مرونة الاقتصاد الأردني وقدرته على المنافسة الدولية.
دور محوري للاستقلال في ترسيخ الاقتصاد
بدوره، أكد حمدي الطباع، رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين، أن ذكرى الاستقلال تُعد مناسبة لتعزيز روح الانتماء وتحفيز العمل والإبداع، مشددًا على أن القيادة الهاشمية وضعت منذ عهد الملك المؤسس، أسس الاقتصاد الحر، مما مكّن من بناء شركات وطنية قوية وتوفير فرص عمل وتعزيز التعليم.
وأشار إلى أن الأردن أصبح مركزًا إقليميًا للتجارة والاستثمار بفضل موقعه الاستراتيجي وشبكة الاتفاقيات الدولية، فيما تمثل رؤية التحديث الاقتصادي خطوة متقدمة لتوسيع القطاعات الإنتاجية والتصديرية وتوفير فرص عمل.
قطاع التخليص والنقل قصة نجاح وطنية
ضيف الله أبو عاقولة، نقيب أصحاب شركات التخليص ونقل البضائع، أكد أن القطاع يمثل نموذجًا ناجحًا في التحديث والتحول الرقمي الكامل، مشيرًا إلى أن تطوير المراكز الجمركية والمنافذ الحدودية عزز مكانة الأردن كممر آمن للتجارة الإقليمية والدولية.
وأوضح أن القطاع اللوجستي يحظى بأولوية ضمن رؤية التحديث الاقتصادي، لما له من دور في جذب الاستثمارات ودعم الصادرات، مؤكداً جاهزية الشركات الأردنية لتقديم خدمات بمعايير عالمية.
الريادة التكنولوجية والتحول الرقمي
هيثم الرواجبة، ممثل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، شدد على أن الأردن أصبح من الدول الريادية إقليميًا في مجال التكنولوجيا، بفضل البنية التحتية المتطورة والكفاءات البشرية والتشريعات الداعمة.
وأكد أن القطاع أسهم في خلق آلاف فرص العمل، واستقطاب شركات عالمية، وتصدير حلول تقنية متقدمة، مشيرًا إلى أن رؤية التحديث الاقتصادي تضع التحول الرقمي ضمن أولوياتها لتطوير المملكة كمركز إقليمي للابتكار.
علاقات اقتصادية أوروبية متينة
علي حيدر مراد، رئيس جمعية الأعمال الأردنية الأوروبية، أشار إلى أن العلاقات الاقتصادية الأردنية الأوروبية تشكل ركيزة أساسية في تعزيز النمو، منوهًا بأثر اتفاقية الشراكة الموقعة عام 2002 في توسيع التبادل التجاري وجذب الاستثمارات.
وأكد مراد أن الانفتاح الذي يقوده جلالة الملك عبدالله الثاني أسهم في ترسيخ مكانة الأردن كشريك موثوق لدى أوروبا، مشيرًا إلى أن الأمن والاستقرار عنصر رئيسي في جذب الاستثمارات وتعزيز الثقة الدولية بالمملكة.
القطاع المالي والمصرفي: داعم للنمو والاستقرار
فراس سلطان، ممثل القطاع المالي والمصرفي في غرفة تجارة الأردن، بيّن أن هذا القطاع شهد تحولات نوعية خلال السنوات الأخيرة، بفضل التوجيهات الملكية والسياسات الإصلاحية.
وأوضح أن القطاع يضم مؤسسات متنوعة تشمل البنوك وشركات الصرافة والتأمين والتمويل الأصغر، مما يجعله محركًا رئيسيًا للاستقرار المالي والاقتصادي.
وأشار إلى أن مبادرات البنك المركزي، مثل تطوير أنظمة الدفع الإلكتروني، ساهمت في تحديث القطاع وتعزيز الشمول المالي، لافتًا إلى أن الأردن بات مركزًا إقليميًا للابتكار المالي بفضل التحول الرقمي في الخدمات المصرفية.
خارطة طريق للمستقبل
أجمع المتحدثون على أن رؤية التحديث الاقتصادي التي أطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني تمثل خارطة طريق واضحة لتطوير الاقتصاد الوطني، وتعزيز الإنتاجية، وتوفير فرص العمل، وضمان جودة حياة أفضل للأردنيين، مؤكدين أن الاستقلال كان اللبنة الأولى لمسيرة اقتصادية وطنية ما زالت تؤتي ثمارها اليوم.