الجمعة, مايو 30, 2025
الرئيسيةاقتصاد وأعمالصدمة الرسوم تهز الاستهلاك في الصين: هل ينهار رهان السكان؟

صدمة الرسوم تهز الاستهلاك في الصين: هل ينهار رهان السكان؟

تشهد الصين تحدياً اقتصادياً متزايداً مع تصاعد النزاع التجاري مع الولايات المتحدة، بعدما فرضت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب رسوماً جمركية بنسبة 145% على الواردات الصينية. وفي خطوة مماثلة، ردّت بكين بفرض رسوم قدرها 125% على السلع الأمريكية، لتتعمق الفجوة بين أكبر اقتصادين في العالم وتبرز التساؤلات حول قدرة الصين على التكيّف داخلياً.

تحاول بكين تخفيف تداعيات الأزمة من خلال الاعتماد على قوتها الديموغرافية التي تبلغ 1.4 مليار نسمة، غير أن هذا الرهان يصطدم بعائق رئيسي: ضعف ثقة المستهلك.

خطة بكين لتعزيز الطلب الداخلي

وضعت الحكومة الصينية الاستهلاك المحلي في صدارة أولوياتها الاقتصادية لهذا العام، حيث أطلقت خطة مؤلفة من 30 بنداً تشمل:

  • دعم مالي لشراء الأجهزة المنزلية
  • إعانات لرعاية الأطفال
  • تحسين إمكانية الحصول على إجازات مدفوعة الأجر

ورغم تلك الجهود، فإن المخاوف من تدهور الوضع الاقتصادي تدفع العديد من المواطنين، بمن فيهم أصحاب الأعمال والمهاجرين والموظفين، إلى تقليص نفقاتهم وزيادة الادخار.

قالت “آني تشان”، موظفة مبيعات في شركة خزف بمقاطعة غوانغدونغ، خلال معرض كانتون الأخير:
“لن أكون راغبة في الإنفاق إذا استمرت أميركا في فرض الرسوم الجمركية. أفضل الادخار، في حال احتجت المال إذا ساءت الأمور.”

ثقة مهزوزة واستهلاك متراجع

تواجه الحكومة تحدياً كبيراً يتمثل في ضرورة رفع الثقة بسوق العمل والدخل، وهو أمر حاسم لإنجاح التحول من اقتصاد معتمد على التصدير إلى نموذج يقوده الطلب المحلي. فبدون استعادة ثقة المستهلك، يبدو أن تحقيق هدف النمو الاقتصادي بنسبة 5% سيبقى صعباً دون تدخل حكومي قوي.

وقد شهد القطاع الصناعي في الصين في الشهر الماضي أسوأ تراجع له منذ ديسمبر 2023. وعلّق “غوردون غاو”، صاحب مشروع لإنتاج منتجات الخيزران في مقاطعة أنهوي:
“الطلبات الأمريكية التي كانت تمثل ثلث الإيرادات توقفت تماماً. خفضت المكافآت، ولم أعد أوظف بدلاء للمغادرين. وقد أضطر إلى تسريح المزيد من العمال.”

ملايين الوظائف في مهب الريح

يشير محللون إلى أن تداعيات الرسوم قد تمتد لتشمل ملايين الوظائف:

  • شركة “نومورا”: ما يصل إلى 15.8 مليون وظيفة مهددة إذا انخفضت الصادرات الأمريكية للنصف
  • غولدمان ساكس: تقدر الخسائر بـ16 مليون وظيفة، خاصة في قطاعات الملابس، والاتصالات، والكيميائيات
  • إلغاء الإعفاءات الجمركية الأمريكية على الطرود الصغيرة يزيد الضغط على قطاعات التجزئة والخدمات اللوجستية

ورغم تراجع البطالة الحضرية بشكل طفيف حسب الإحصاءات الرسمية، فإن الواقع مختلف. يقول “لي ييفنغ”، مخطط إنتاج من شينجن:
“أحسب كل فلس ننفقه بدقة شديدة.”
ويعيش مع زوجته التي فقدت وظيفتها، ووالديه المسنين، وينفق شهرياً أقل من 3,000 يوان لتأمين الأساسيات.

أولويات الحزب الشيوعي: الوظائف أولاً

في اجتماع سياسي رفيع مؤخراً، أعلن الحزب الشيوعي أن استقرار التوظيف أصبح أولوية قصوى. وأطلقت الحكومة مبادرات تشمل:

  • إعفاءات ضريبية
  • دعم مالي للشركات
  • برامج تدريب مهني
  • فرص عمل في قطاعات التكنولوجيا والبنية التحتية

لكن التحول نحو نموذج اقتصادي يعتمد على الاستهلاك يواجه عقبات كثيرة، أبرزها تباطؤ سوق العقارات، وضعف ثقة المستثمرين، وانكماش الأسعار.

مؤشرات مقلقة في السوق

  • تباطؤ نمو مبيعات التجزئة والمطاعم في عطلة عيد العمال
  • انخفاض إيرادات شباك التذاكر السينمائي إلى النصف تقريباً
  • إنفاق السائح الواحد خلال العطلة أقل بنسبة 10% مقارنة بـ2019

الاقتصاد الصيني: استثمار ضخم واستهلاك ضعيف

يشكل الاستثمار 40% من الناتج المحلي الإجمالي للصين، أي ضعف المعدل في الولايات المتحدة. بالمقابل، يبلغ الاستهلاك المحلي 40% فقط، مقارنة بـ50%-70% في الدول المتقدمة.

يقول البروفيسور “لو فنغ” من جامعة بكين:
“لتحفيز الإنفاق، يجب أن يشعر الناس بالأمان بشأن دخلهم على المدى الطويل.”
ويشير إلى أهمية رفع المعاشات التقاعدية وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية لتحسين ثقة المستهلكين.

هل تغير الصين قواعد اللعبة؟

يشكك خبراء في قدرة بكين على إجراء إصلاحات هيكلية كبيرة في المدى القريب. ويرى “لوغان رايت”، مدير الأبحاث في مجموعة “روديوم”، أن مفتاح التحول الحقيقي يكمن في إصلاح النظام الضريبي.

قال رايت:
“الصين تحصل على إيراداتها من الاستثمار وليس من الاستهلاك أو الضرائب الفردية. ما لم يتغير ذلك، فإن التحول إلى اقتصاد يقوده الاستهلاك سيظل بعيد المنال.”

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شعبية

التعليقات الأخيرة