الخميس, مايو 29, 2025
الرئيسيةالثقافة والمجتمعدور الثقافة في بناء مداميك التنمية في الأردن

دور الثقافة في بناء مداميك التنمية في الأردن

لم تكن الثقافة يومًا عنصرًا هامشيًا في مسيرة الدولة الأردنية، بل مثّلت على الدوام ركيزة أساسية في مشروع النهضة الوطنية، تؤطر الوعي الجمعي، وتؤسس لبناء الإنسان، وتضيء دروب المستقبل. فقد وعى الأردن منذ نشأته أن الثقافة ليست ترفًا فكريًا، بل أداة استراتيجية للتنمية، تضخ الحيوية في المجتمع، وتغذي الإبداع، وتقود التغيير.

الثقافة والهوية الوطنية

الثقافة في جوهرها تمثل نسقًا متكاملاً من القيم والعادات والمعارف والفنون، تعكس هوية الأمة وتعزز انتماء أبنائها. وفي الحالة الأردنية، كانت الثقافة وما تزال قوة ناعمة فاعلة، تحصّن المجتمع من التطرف والإقصاء، وتُعزز من التعددية والتماسك الاجتماعي، وتجسد الوعي الوطني في أبهى صوره.

الحضور الثقافي في مشاريع الدولة

على مدى العقود، واكبت الثقافة الأردنية كل مراحل تطور الدولة، وكانت شريكًا فاعلًا في مشروعات التحديث السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وبرز ذلك من خلال مبادرات نوعية مثل:

  • مشروع مكتبة الأسرة: لتيسير الوصول إلى المعرفة.
  • المدن الثقافية: لنقل التنمية إلى المحافظات ثقافيًا.
  • مراكز الفنون والمهرجانات الوطنية: لنشر الثقافة بصيغ إبداعية تفاعلية.

الثقافة كقاطرة للتنمية الاقتصادية

لم تقتصر الثقافة على الدور الرمزي أو التوعوي، بل تحولت اليوم إلى أحد أكثر القطاعات الاقتصادية نموًا، إذ تساهم الصناعات الثقافية والإبداعية عالميًا بما يفوق 13% من الناتج المحلي. ومن هنا، يُعد الاستثمار في الثقافة رهانًا ناجحًا على المستقبل، لا يقل أهمية عن الاستثمار في الطاقة أو الصناعة أو الزراعة.

ويملك الأردن، بما يتمتع به من إرث حضاري وتنوع ثقافي وجغرافي، مقومات تؤهله ليكون مركزًا إقليميًا للصناعات الثقافية والفنية، من الفنون البصرية إلى السينما، ومن السياحة الثقافية إلى الحرف التقليدية.

الرقمنة وآفاق جديدة للثقافة

مع التحول الرقمي، وجدت الثقافة الأردنية نافذة جديدة للتأثير والانتشار، حيث بادرت المؤسسات إلى إنتاج محتوى رقمي تفاعلي يُخاطب الأجيال الشابة، ويواكب التحولات التكنولوجية. هذه النقلة النوعية تُمكّن الثقافة من الوصول الأوسع والتأثير الأعمق.

الثقافة كحاجز ضد التطرف

ببعدها الإنساني، تؤدي الثقافة دورًا محوريًا في التصدي للفكر المتطرف، فهي خط الدفاع الأول عن قيم الحوار، التسامح، والعقلانية. فكلما ازدهرت الثقافة، تقلّصت المساحات المظلمة في الوعي، وتعززت مناعة المجتمع ضد الانغلاق والتشدد.

ضرورة الشراكة في دعم الثقافة

التنمية الثقافية لا يمكن أن تنهض دون شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص. فضعف الاستثمار في هذا القطاع لا يعكس ضعف العائد، بل ضعف في الوعي بجدواه. ومع سياسات حاضنة ومحفزة، يمكن لأسواق الثقافة والفنون أن تصبح من أكثر القطاعات إنتاجًا واستدامة.

خاتمة

الثقافة ليست واجهة ناعمة للدولة فحسب، بل هي قلب التنمية النابض. هي الشرط الأول لبناء الإنسان، والإنسان هو غاية التنمية ووسيلتها. ومن هنا، فإن دعم الثقافة في الأردن لا يعني فقط إثراء المشهد الإبداعي، بل هو في جوهره بناء لمستقبل تنموي راسخ، حديث، منفتح، ومتجذر في الهوية الوطنية

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شعبية

التعليقات الأخيرة