نجح فريق من المصورين الفلكيين التابعين للجمعية الفلكية الأردنية ومركز الفلك الدولي، فجر الثلاثاء، في رصد وتصوير سديم البحيرة (Lagoon Nebula) من موقع قصر الخرانة الأثري، الذي يبعد حوالي 60 كيلومترًا شرق العاصمة عمّان، في ليلة صافية كشفت عن جمال السماء الصحراوية المتلألئة بالنجوم.
سديم البحيرة: من أبرز مواقع تشكل النجوم
قال عمار السكجي، رئيس الجمعية الفلكية الأردنية، إن هذه الصورة الأيقونية تأتي ضمن جهود علمية تهدف إلى اكتشاف روعة الكون من أرض الأردن، وتعزيز السياحة الفلكية في المواقع التاريخية والطبيعية.
وأوضح أن سديم البحيرة يقع في كوكبة القوس، ويُعد سحابة هائلة من الغاز والغبار الكوني، تُعرف بأنها إحدى أنشط مناطق تشكل النجوم في مجرتنا. وتنتج توهجها الوردي الساحر من تفاعل النجوم الفتية في قلب السديم مع غاز الهيدروجين المحيط بها، حيث تعمل على تأيينه بأشعتها عالية الطاقة.
المسافة من الأرض: 4100 سنة ضوئية
القدر الظاهري: 4.6 (يمكن رؤيته بالعين المجردة في ظروف مثالية)
ظروف مثالية ورصد فلكي متقن
تم الرصد في ظروف فلكية ممتازة بفضل انخفاض التلوث الضوئي في موقع قصر الخرانة، حيث سجلت أجهزة قياس التلوث الضوئي درجة 20.69، مما مكّن الفريق من التقاط صور عالية الدقة للسديم وتفاصيله الدقيقة.
كما ظهر في أعلى الصورة سديم تريفيد (M20)، المعروف بتقسيمه الثلاثي المميز. وهو سديم إشعاعي وتجمع نجمي مفتوح، يتميز بمنطقة مظلمة تقسمه إلى ثلاث مناطق متباينة، وقد سبق أن كان موضوع دراسة باستخدام تلسكوب هابل الفضائي عام 1997.
تقنيات متقدمة وتعاون علمي وفني
تم التقاط الصور باستخدام تلسكوب محوسب بإشراف السكجي، بينما تولى كل من أنس صوالحة وهيثم حمدي معالجة الصور رقمياً، من خلال تكديس مئات اللقطات لتكوين صورة نهائية غنية بالتفاصيل والألوان.
ربط بين التاريخ والفضاء
أوضحت الجمعية أن هذا الرصد من موقع أثري مثل قصر الخرانة يُجسّد التقاء التراث الحضاري بـالعلم الفلكي، في تجربة تعكس العلاقة العميقة بين الإنسان والكون. كما يسهم في رفع الوعي المجتمعي بعلم الفلك، وتشجيع الجيل الجديد على استكشاف السماء والتمعن في أسرارها.
وقال السكجي: “توثيق مثل هذه الظواهر من مواقع أردنية يسهم في تعزيز الوعي بأهمية علم الفلك، ويشجع الأجيال الجديدة على التفاعل مع السماء لقراءة أسرارها، واستلهام الدروس من اتساعها وعظمتها”
