جدّد السفير الألماني لدى عمّان، بيرترام فون مولتكه، التأكيد على متانة العلاقات الأردنية–الألمانية، واصفًا إياها بأنها “نموذج ناجح للشراكة القائمة على الثقة والاحترام المتبادل”، ومبرزًا المكانة المحورية التي يحتلها الأردن إقليميًا في ظل تفاقم الأزمات، مع تأكيد التزام بلاده بمواصلة دعم المملكة على مختلف الصعد.
وجاءت تصريحات السفير خلال كلمة ألقاها في احتفال السفارة الألمانية بـ«يوم الوحدة الألمانية»، الذي أقيم في مقر إقامته بحضور وزيرة الدولة للشؤون الخارجية نانسي نمروقة، إلى جانب حضور رسمي ودبلوماسي واسع وممثلين عن قطاعات أردنية وألمانية متنوعة. وأشار إلى أن برلين تنظر إلى الأردن بوصفه شريكًا موثوقًا في بيئة مضطربة، وتثمّن عالياً توازنه ومساعيه الدؤوبة لتعزيز الاستقرار الإقليمي.
ولفت فون مولتكه إلى أن التنسيق بين عمان وبرلين يشمل ملفات إقليمية مشتركة، إلى جانب قضايا إنسانية وتنموية، معتبرًا أن دور الأردن كشريك إقليمي يستوجب دعمًا متواصلًا في مسعى تثبيت الاستقرار في المنطقة.
وأوضح السفير أن التعاون الثنائي يمتد من السياسة والتنمية والعمل الإنساني إلى التعليم والطاقة والبيئة والثقافة، مضيفًا: “علاقاتنا مع الأردن تتخطى الإطار الدبلوماسي التقليدي، فهي قائمة على قيم ومصالح مشتركة، وعلى رؤية طويلة الأمد لمستقبل مستقر ومزدهر للمنطقة”.
وأشاد بما وصفه بالعلاقة الاستثنائية بين القيادة الأردنية والحكومة الألمانية، والتي تعززت عبر الزيارات رفيعة المستوى والمبادرات المشتركة والدعم المستمر لمشاريع تنموية تغطي مختلف محافظات المملكة.
كما أكد فون مولتكه استمرار بلاده في ترسيخ الشراكة مع الأردن في سائر المجالات، متابعًا: “نحن ملتزمون بالعمل مع شركائنا الأردنيين من أجل مستقبل يعمه السلام والاستقرار والتنمية، لأننا نؤمن أن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا”.
وفي سياق التحديات الإقليمية، ولا سيما في الأراضي الفلسطينية، شدّد السفير على أهمية الدور الأردني في الدفع نحو حل عادل وشامل يكفل حقوق الشعب الفلسطيني. وقال: “نحن والأردن نتشارك الموقف نفسه بشأن ضرورة إنهاء معاناة المدنيين، ووقف دوامة العنف، والدفع نحو حل سياسي قائم على القانون الدولي”.
وبيّن أن موقف ألمانيا يرتكز على مبادئ القانون الدولي وحق الفلسطينيين في تقرير المصير، داعيًا إلى وقف العنف والانخراط في مسار تفاوضي يضمن للشعوب حياة كريمة ومستقرة.
وأشار السفير إلى أن بلاده تواصل مساندة جهود الأردن على الصعيد الإنساني، خصوصًا في التخفيف من تداعيات الصراع في غزة، مذكرًا بأن برلين قدّمت منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 أكثر من 350 مليون يورو كمساعدات إنسانية للقطاع.
واستعاد فون مولتكه تجربة توحيد ألمانيا بعد سقوط جدار برلين عام 1989، معتبرًا إياها دليلًا على إمكانية حدوث تغييرات كبرى، وداعيًا إلى تحويل هذه العبرة إلى أمل وعمل جاد باتجاه تسوية النزاعات. وأعرب عن قناعته بأن “الظلام لن يدوم إلى الأبد”، وأن التحولات التي شهدتها أوروبا يمكن أن تلهم حلولًا سلمية تعيد المنطقة إلى مسار الاستقرار والازدهار، شرط توافر الإرادة السياسية والالتزام بالقانون الدولي والجهود الإنسانية.
وعلى الصعيد الثقافي، نوّه السفير إلى أن علاقات عمّان وبرلين تتجاوز القنوات السياسية إلى الناس والمجتمعات والمبادرات الإبداعية، معتبرًا التعاون الثقافي بعدًا محوريًا في الشراكة الثنائية. وسلّط الضوء على مشروع فني مشترك في حي الحازمي شرق عمّان، حيث يعمل فنانون أردنيون وألمان على جداريات تعبّر عن التعدد الثقافي والحوار المجتمعي، مؤكدًا أن “الفن والهوية أدوات قوية لبناء التفاهم وتعزيز الروابط بين الشعوب”.
