يحتفي الشعب الأردني في العاشر من حزيران بيوم الجيش وذكرى انطلاق الثورة العربية الكبرى، حيث تحل هذه المناسبة الوطنية في وجدان كل أردني وأردنية، وتشكل مصدر إلهام وتجديد للعزيمة، ودافعاً للمضي بثبات نحو مستقبل مزدهر للوطن.
تعد هذه الذكرى إحدى المناسبات الوطنية العميقة الجذور في قلوب الأردنيين، التي تحفر بصماتها الخالدة على خارطة الوطن وحدوده المصانة بتضحيات جيشنا العربي المصطفوي. فالقوات المسلحة الأردنية هي الامتداد الحي للثورة العربية الكبرى، ورسالتها التي لم تنقطع، ويوم الجيش مرتبط عضوياً بذلك الإرث النضالي المجيد.
أمام جيشنا، يقف الأردن بكل فخر واعتزاز، شاهداً على ما قدمه من إنجازات عظيمة أسهمت في تعزيز مكانة الوطن وإعلاء شأنه، إذ بات الجيش الأردني عنواناً للكرامة الوطنية، يحمل قيماً أصيلة وسلوكاً نبيلاً، ويكسب احترام ومحبة الجميع في كل مكان، حتى غدا مرادفاً للأمل والسكينة، يضمد الجراح ويبث الأمان.
تاريخ الجيش كُتب بتضحيات كبرى، وسُطرت فصوله بدماء الشهداء الزكية التي روت تراب الوطن، فازدهرت الأرض وتفتحت أزهار الياسمين، وأصبح كل شهيد منارة تهدي الدروب للأجيال القادمة، ورمزاً مضيئاً في سجل الكرامة الأردنية. فبطولات الجيش العربي ما زالت حية في الذاكرة، تشد العزائم وترسخ قيم التضحية والفداء.
عندما نستحضر هذه المناسبة، نستذكر قيماً ومبادئ شكلت لبنة نهضتنا القومية، إذ كانت الثورة العربية الكبرى البداية الفعلية لرحلة كفاحنا، بقيادة الهاشميين الحكماء الذين وحدوا الرؤية ورسموا طريق الأمة نحو المجد، حاملين لواء الطموح العربي وملامح المستقبل.
وقد لعب الجيش العربي دوراً محورياً في بناء الدولة الأردنية الحديثة، وأسهم في تقدمها على مختلف المستويات، بفضل الرعاية الهاشمية المتواصلة منذ عهد الملك المؤسس عبدالله بن الحسين، الذي أرسى دعائم جيش شجاع يرفع راية الثورة، مروراً بالملك طلال صانع الدستور، والملك الحسين الباني، وصولاً إلى عهد جلالة الملك عبدالله الثاني القائد الأعلى للقوات المسلحة.
منذ تأسيس الإمارة، حظيت القوات المسلحة باهتمام خاص، حيث شهدت تحديثات متواصلة شملت التدريب والتنظيم والتسليح، وبفضل رؤية المغفور له الملك الحسين بن طلال، أصبحت قادرة على تنفيذ مهامها بكفاءة واحتراف، محافظة على عقيدتها المستمدة من مبادئ الثورة العربية الكبرى.
خاضت القوات المسلحة الأردنية منذ عام 1948 معارك العزة على أرض فلسطين، وكان نصر معركة الكرامة مفصلاً تاريخياً سطر فيه الجيش صفحة مشرقة بتاريخه، حيث تحطمت أسطورة الجيش الذي لا يُقهر. كما شاركت القوات المسلحة في دعم الأشقاء في مختلف المعارك، وامتدت يدها للعالم في مهمات إنسانية وإغاثية، مثبتة مكانتها كرمز للنبل والشجاعة.
واهتمت القيادة الهاشمية بتطوير الجيش بشكل دائم، ليكون الدرع الحصين للوطن، من خلال إعداد متكامل يشمل التسليح والتنظيم والتأهيل، فغدت القوات المسلحة تضاهي جيوش الدول المتقدمة، وتقوم بمهامها الدفاعية والإنسانية والتنموية بكل تميز، مما جعلها أحد أعمدة الأمن والاستقرار الوطني.
وفي سبيل الحفاظ على هذه الجاهزية، عملت القيادة على تطوير الهيكل التنظيمي للجيش ليتلاءم مع التحديات المستجدة، عبر إعادة هيكلة الوحدات، وتحديث التسليح، ودمج المديريات المتشابهة، ليظل الجيش في أعلى مستويات الكفاءة والاستعداد.
ويؤكد جلالة الملك عبدالله الثاني رؤيته في بناء جيش عصري قادر على الاستجابة للتحولات الاستراتيجية، حيث شهدت القوات المسلحة تطويراً شاملاً في القدرات القتالية واللوجستية، إلى جانب تعزيز الشراكات العسكرية مع الدول الشقيقة والصديقة، ما ساهم في تبادل الخبرات وتوسيع مجالات التعاون.