تتفاقم مشكلة نقص الملاعب الرياضية في الدوري الأردني لكرة القدم مع مرور الوقت، مما يُشكل عبئاً ثقيلاً على أندية الدوري المحترف ويُزعج مسؤوليها الفنيين، خاصة مع قلة الملاعب الملائمة لإقامة المباريات، والإغلاقات غير المتوقعة التي أخلت بجدول الأندية وأثقلت كاهل اللاعبين والمشجعين على حد سواء.
أحدث مظاهر هذه المشكلة كان نقل لقاء اليوم بين الفيصلي وشباب الحسين ضمن دور الـ32 لبطولة كأس الأردن، من ملعب عمان الدولي إلى ملعب الأمير محمد في الزرقاء، بعد تأكيد عدم اكتمال أعمال الصيانة في الملعب الرئيسي.
لم يكن هذا القرار الأول، إذ سبقه نقل مواجهات الأهلي والبقعة وشباب الأردن في الدور نفسه إلى الملعب ذاته، رغم رفض الأندية سابقاً اعتماد ملعب الأمير محمد كملعب “محايد” لمباريات الدوري والكأس هذا الموسم، بسبب حالة الأرضية السيئة وارتفاع معدلات الإصابات بين اللاعبين، مما أثار احتجاجات فنية وجماهيرية واسعة.
وفي ظل إغلاق ملعب عمان الدولي للصيانة، انضم إليه ملعب البترا في مدينة الحسين للشباب وملعب السلط في مدينة الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، مما حال دون قدرة نادي السلط على إقامة مبارياته على أرضه أمام جماهيره، وألزمه بتحمل تكاليف إضافية للتنقل والإقامة خارج محافظته.
من جانبها، اتهمت الأندية الحكومة والاتحاد الأردني لكرة القدم بالمسؤولية الكاملة عن تفاقم الوضع، مطالبة بصياغة خطة فورية لإصلاح الملاعب وتحسين أسطحها لضمان سير البطولات دون اضطراب، مع الحفاظ على أمان اللاعبين ومستوى المنافسة.
أعرب رئيس أحد أندية الدوري المحترف، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، عن أن أزمة الملاعب تتجدد كل موسم دون تدخل جذري من وزارة الشباب أو الاتحاد. وأضاف في تصريح لـ”الغد”: “أنه منذ الموسم الماضي ونحن نحذر من خطورة ملعب الأمير محمد الذي تسبب بإصابات خطيرة لعدد من اللاعبين، ومع ذلك يتم نقل مباريات الكأس إليه مجددا”. وتابع: “رغم التباين في المستويات الفنية بين فرق المحترفين والدرجتين الأولى والثانية، إلا أن أي لاعب بات يتحسب من الالتحامات خشية الإصابات، وهو ما ينعكس سلبا على الأداء العام للمباريات”.
في تطور آخر، أرسل نادي الرمثا، الذي يتصدر الدوري، رسالة رسمية إلى وزارة الشباب والاتحاد، معترضاً على إغلاق ملعب الحسن الدولي في إربد لثلاثة أشهر لأعمال الصيانة، مؤكداً أن أرضيات الملاعب البديلة أسوأ حالاً، وأن الإغلاق ينتهك مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص. كما أبرز الرمثا أن نقل مبارياته خارج ملعبه سيضر بإيراداته المالية، متسائلاً عن الجهة المسؤولة عن تعويض الخسائر، وطالباً تحديد موعد واضح لإنهاء أعمال الزراعة أو تأجيلها إلى نهاية الموسم.
يعتقد المتابعون أن هذه الأزمة لم تعد تتحمل الحلول المؤقتة، وأن الوقت أصبح مناسباً لصياغة استراتيجية طويلة الأمد تشمل بناء ملاعب جديدة بمعايير عالمية، وصيانة الملاعب الحالية، مع تنظيم استخدامها بطريقة عادلة للحفاظ على جودتها واستدامتها.
يؤكد الخبراء أن استمرار هذه المشكلة غير مقبول، خاصة بعد تأهل منتخب النشامى إلى كأس العالم 2026 في إنجاز تاريخي، مما يتطلب تحركاً عاجلاً لترقية البنية التحتية لتتناسب مع هذا الإنجاز وتعزز جاهزية نظام اللعبة.
أكد المدرب الوطني عثمان الحسنات: “إن سوء الملاعب أصبح عاملا مباشرا في تراجع المستوى الفني للمباريات”، موضحاً أن أسطح بعض الملاعب تمنع اللاعبين من الالتحام الكامل، مما يفقد الأداء طابعه التنافسي. وأضاف في تصريح لـ”الغد”: “الأندية تصرف مبالغ كبيرة على إعداد فرقها، لكن غياب أرضية صالحة يجعل كل هذا الجهد مهدورا، وأدعو اتحاد الكرة إلى وضع جدول ثابت وواضح يضمن استقرار الفرق فنيا وبدنيا”.
أعربت الجماهير، خاصة مشجعي الفيصلي، عن إحباطها من نقل مباراة فريقهم اليوم إلى ملعب الأمير محمد بالزرقاء، معتبرة أن سوء الملاعب والإغلاقات المتكررة “تُفقد اللعبة جاذبيتها”، وتؤثر على الحضور الجماهيري الذي يُعد الدعما الأساسي للأندية.
قال المشجع علي الزبيدي: “إن مشهد نقل المباريات في اللحظة الأخيرة أمر غير مقبول، ويعكس غياب التنظيم والتخطيط، وإن الجماهير باتت تدفع ثمن سوء التخطيط، بين مشقة التنقل وضعف الخدمات في الملاعب البديلة”.
وأضاف المشجع خالد الحمايدة أن “مع استمرار صرخات الأندية والمدربين والجماهير، تبقى الأزمة في ملعب الجهات الرسمية، التي باتت مطالبة أكثر من أي وقت مضى بإيجاد حلول جذرية تحفظ هيبة البطولات وتعيد الثقة إلى منظومة اللعبة”.
